- ANA MAGHRIBY: قصص مشوقة

الخميس، 4 فبراير 2016

قصص مشوقة


 روح البدل

 ليلى طالبة خلوقة ومجتهدة ومُرهفة الاحساس ، والأهمّ من ذلك أنّها تميل لعمل الخير.
في احد الأيام الدّراسيّة خطر على بال مربيّة الصّف أن تقوم  ليلى وصفّ المدرسة بزيارة ملجأ العجزة في البلدة.

استغرب معظم الطلاب حينها ، فهم تعوّدوا على الرحلات والنزهات الترفيهية والعلميّة .
ولكن سرعان ما اقتنع الطلاب بجدوى هذه الزيارة ، بعد أن شرّحت لهم المربيّة أهمية القيام بمثل هذه الزيارات ، وكيف أنّها تُدخل الفرحة الى قلوب المسنّين.
نعم اقتنع الطلاب ، ولكن  ليلى لم تكن بحاجة الى اقتناع ، فهي مُقتنعة أصلا ، وتتشوّق الى القيام بها، فقد ناجت نفسها قائلة :

يا الهي كم أنا متشوّقة الى مثل هذه الخطوة !! ولكن هل يا ترى سيفرح النزلاء هناك ؟ وهل سيكون بمقدورنا ان نُدخل الفرحة الى قلوبهم؟
وجاء اليوم الموعود وحدثت الزيارة ، وجاء وقعها طيّبًا على الطلاب والمُسنّين الذين شاركوهم أكل " الهريسة" التي احضرها الطلاب معهم والتي طالما أحبّوها.
امتدح المسؤول عن الملجأ هذه الخطوة واعتبرها مباركة .
وقُبيل خروج الطلاب من الملجأ لاحظت  ليلى أن هناك عجوزًا يلبس كنزة قديمة ، فاقتربت منه بلطف ومحبة وسألته : " أتريد يا جدّي أن احضر لك في المرة القادمة كنزة صوفيّة جديدة ؟

فهزّ الشيخ رأسه بخجل وكأنه يقول نعم.
عادت ليلى   الى البيت ، وكلّ تفكيرها يدور حول الملجأ والكنزة ، وعندما سألتها الأمّ عن الزيارة قالت باختصار : لقد كانت مُدهشة وفي منتهى الرّوعة.

دخلت ليلى   الى غرفتها وهي تتخذ قرارًا لا رجعة فيه: لن يبقى هذا العجوز بهذه الكنزة القديمة. لا... بل سأوفر له ولغيره كنزات جديدة ولو اقتضى الامر ان أحرم نفسي من المصروف اليومي ، بل وأن أشحذ.
بالفعل بدأت تجمع المصروف ولكنها وقفت بعد اسبوع لتكتشف انّ ما وفرته لا يكفى لشراء نصف كنزة !!! فبدأ اليأس يتسرّب الى نفسها ،...خاصّة وان الشّتاء لا ينتظر والكنزات لا تُلبس في الصيف...اذن لا بدّ من عمل شيء ..لا بُدّ من القيام بخطوة ما.
فكّرت  ليلى وفكّرت لعلّها تجد حلاً ، وأخيرًا قادها تفكيرها الى الحصّالة ، فابتسمت وقالت في نفسها : "وجدتها" "وجدتها "

ثمّ سرعان ما تجهّم وجهها ، فالحصّالة مشتركة مع أخيها كريم الذي يصغرها بسنتين ، ولا بدّ من استشارته.

في اليوم التالي وأثناء عودة ليلى   وأخيها من المدرسة ، حدثته عن مشروعها الخيريّ ، وعن الملجأ والمسنّين وعن حاجتهم الى كنزات تردّ عنهم وخزات البرد ، وسألته ان يسمح لها بمال الحصّالة هذه المرّة ووعدته ان مال الحصّالة سيكون له وحده في المرّة القادمة.

وكم كانت دهشتها كبيرة حين اعلن لها كريم أنّه سيشاركها في المشروع ولا يريد مرّة قادمة، فإنّه يرى في هؤلاء المُسنّين جدّه وجدته.
عانقت  ليلى  أخاها وهو توصيه ان يبقى الامر بينهما سرًّا.


في احد الايام وبعد ان عاد والد ليلى  من عمله وتناول طعام عشائه، جلس ليرتاح على الكنبة ويقرأ في احدى الصُّحف،
فإذا به يحملق في خبر ما تتوسطه صورة ملوّنة وجميلة ، فتمتم قائلا : لا ...لا اصدّق... أمعقول.. !! كيف فعلاها دون علمنا..يا الهي ما أروعهما ..يا الهي ما أروعهما.
ثم اخذ ينادي بصوت عالٍ والفرحة تملؤه : ليلى...كريم. ليلى.. كريم.. تعالا..تعالا.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Menu :

مدونة انا معربي موقع عربي ودولي يقدم جديد اخبار النت على الساحة العربية والفرجة العربية والعالمية اضافة الى دروس في التقنية ومقالات في جميع المجالات وهذا كله متجدد لحضة بلحضة

جميع الحقوق محفوضة لدى مدونة بازي 2014-2015

تصميم : أسامة نصيف